وسّروا ووطنوا أنفسهم للقتال ، وقوله : (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً) أي في منامك وأخبرت به أصحابك لفشلتم أي جبنتم عن قتالهم ، ولتنازعتم في أمر قتالهم (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) من ذلك فلم يريكهم كثيرا إنه تعالى عليم بذات الصدور ففعل ذلك لعلمه بما يترتب عليه من خير وشر. وقوله تعالى (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) أي اذكروا أيها المؤمنون إذ يريكم الله الكافرين عند التقائكم بهم قليلا في أعينكم كأنهم سبعون رجلا أو مائة مثلا ويقللكم سبحانه وتعالى في أعينهم حتى (١) لا يهابوكم. وهذا كان عند المواجهة وقبل الالتحام أما بعد الالتحام فقد أرى الله تعالى الكافرين أراهم المؤمنين ضعفيهم في الكثرة وبذلك انهزموا كما جاء ذلك في سورة آل عمران في قوله (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ) وقوله تعالى (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) تعليل لتلك التدابير الإلهية لأوليائه لنصرتهم وإعزازهم وهزيمة أعدائهم وإذلالهم وقوله تعالى (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) إخبار منه تعالى بأن الأمور كلها تصير إليه فما شاء منها كان وما لم يشأ لم يكن خبرا كان أو غيرا.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان قسمة الغنائم على الوجه الذي رضيه الله تعالى.
٢ ـ التذكير بالإيمان ، إذ هو الطاقة الموجهة باعتبار أن المؤمن حي بإيمانه يقدر على الفعل والترك ، والكافر ميت فلا يكلف.
٣ ـ فضيلة غزوة بدر وفضل أهلها.
٤ ـ بيان تدبير الله تعالى في نصر أوليائه وهزيمة اعدائه.
٥ ـ بيان أن مرد الأمور نجاحا وخيبة لله تعالى ليس لأحد فيها تأثير إلا بإذنه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)
__________________
(١) قال أبو جهل : إنهم أكلة جزور خذوهم أخذا واربطوهم بالحبال فلمّا أخذوا في القتال عظم المسلمون في أعين الكفار وكثروا حتى انهم يرونهم مثليهم.