(بِخَلاقِهِمْ) : أي بنصيبهم وحظهم من الدنيا.
(وَخُضْتُمْ) : أي في الكذب والباطل.
(وَالْمُؤْتَفِكاتِ) : أي المنقلبات حيث صار عاليها سافلها وهي ثلاث مدن. (١)
(بِالْبَيِّناتِ) : الآيات الدالة على صدقهم في رسالاتهم إليهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق في هتك استار المنافقين وبيان فضائحهم لعلهم يتوبون. قال تعالى (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي كأبعاض الشيء الواحد وذلك لأن أمرهم واحد لا يختلف بعضهم عن بعض في المعتقد والقول والعمل بيّن تعالى حالهم بقوله (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) وهذا دليل على انتكاسهم وفساد قلوبهم وعقولهم ، إذ هذا عكس ما يأمر به العقلاء ، والمراد من المنكر الذي يأمرون به هو الكفر والعصيان ، والمعروف الذي ينهون عنه هو الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما. وقوله تعالى (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) كناية عن الإمساك وعدم البذل في الإنفاق في سبيل الله. (٢) وقوله (نَسُوا اللهَ) فلم يؤمنوا به ولم يؤمنوا برسوله ولم يطيعوا الله ورسوله (فَنَسِيَهُمْ) الله بأن تركهم محرومين من كل هداية ورحمة ولطف. وقوله (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) تقرير لمعنى (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) ، إذ كفرهم بالله وبرسوله هو الذي حرمهم هداية الله تعالى ففسقوا سائر أنواع الفسق فكانوا هم الفاسقين الجديرين بهذا الوصف وهو الفسق والتوغل فيه. وقوله تعالى في الآية (٦٨) (وَعَدَ (٣) اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ) (٤) أي كافيهم (وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي دائم لا يزول ولا يبيد ولا يفنى فقد حملت هذه الآية أشد وعيد لأهل النفاق والكفر إذ توعدهم الرب تعالى بنار جهنم خالدين فيها وبالعذاب المقيم الذي لا يبارحهم ولا يتركهم لحظة أبد الأبد وذلك بعد أن لعنهم الله فأبعدهم وأسحقهم من كل رحمة وخير. وفي الآية الثالثة (٦٩) يأمر
__________________
(١) هي : سدوم ، وعمورة ، وأرمة ، وكانت مدنا متتاخمة بعضها قريب من بعض.
(٢) أي : وصفهم بالبخل والشح كما قال تعالى : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) كما أن امتناعهم عن الخروج إلى الجهاد يعتبر قبضا لأيديهم.
(٣) الأصل أن الوعد يكون في الخير والإيعاد يكون في الشر ، وإطلاق الوعد على الوعيد كما هو هنا تهكم بهم.
(٤) (هِيَ حَسْبُهُمْ) مبتدأ وخبر ومعناه : أنها كافية ووفاء لجزاء أعمالهم.