والشرك فاختلفوا فمنهم من ثبت على الإيمان والتوحيد ومنهم من كفر بالشرك والضلال. وقوله تعالى (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) (١) وهي أنه لا يعجل العذاب للأمم والأفراد بكفرهم وإنما يؤخرهم إلى آجالهم ليجزيهم في دار الجزاء بعذاب النار يوم القيامة لو لا كلمته والتي هي (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) لعجل لهم العذاب فحكم بينهم بأن أهلك الكافر وأنجى المؤمن.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (١٩) أما الآية الثانية (٢٠) فيخبر تعالى عن المشركين أنهم قالوا (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (٢) أي هلّا أنزل على محمد آية خارقة من ربه لنعلم ونستدل بها على أنه رسول الله وقد يريدون بالآية عذابا فلذا أمر الله رسوله أن يرد عليهم بقوله (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) فهو وحده يعلم متى يأتيكم العذاب وعليه (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ (٣) مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) ولم تطل مدة الانتظار ونزل بهم العذاب ببدر فهلك رؤساؤهم وأكابر المستهزئين.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ الأصل هو التوحيد والشرك طارىء.
٢ ـ الشر والشرك هما اللذان يحدثان الخلاف في الأمة والتفرق فيها أما التوحيد والخير فلا يترتب عليهما خلاف ولا حرب ولا فرقة.
٣ ـ بيان علة بقاء أهل الظلم والشرك يظلمون ويفسدون إلى آجالهم.
٤ ـ الغيب كله لله فلا أحد يعلم الغيب إلا الله ومن علّمه الله شيئا منه وهذا خاص بالرسل لإقامة الحجة على أممهم.
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ
__________________
(١) في الآية إشارة إلى القضاء والقدر أي : لو لا ما سبق في حكمه أنه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب قبل يوم القيامة.
(٢) يريدون معجزة كمعجزات صالح وموسى وعيسى عليهمالسلام أو اية غير القرآن كأن يحيي لهم الموتى أو يجعل الجبل ذهبا أو يكون له بيت من زخرف.
(٣) في الجملة تعريض بتهديدهم على جراءتهم على الله ومطالبتهم بالآيات ، والآيات القرآنية معرضون عنها وهي أعظم مما يطلبون.