كل شيء.
(يَكْفُرُونَ) : أي بنسبة الولد إلى الله تعالى ، وبعبادتهم غير الله سبحانه وتعالى.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تحقيق التوحيد وتقريره بإبطال الشرك وشبهه فقال تعالى : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ) أي قال المشركون أن الملائكة بنات الله (١) وهو قول مؤسف محزن للرسول صلىاللهعليهوسلم كقولهم له (لَسْتَ مُرْسَلاً) ، وقد نهي صلىاللهعليهوسلم عن الحزن من جراء أقوال المشركين الفاسدة الباطلة. ونزه الله تعالى نفسه عن هذا الكذب فقال سبحانه ، وأقام الحجة على بطلان قول المشركين بأنه هو الغنيّ الغنى الذاتي الذي لا يفتقر معه إلى غيره فكيف إذا يحتاج إلى ولد أو بنت فيستغني به وهو الغني الحميد ، وبرهان آخر على غناه أن له ما في السموات وما في الأرض الجميع خلقه وملكه فهل يعقل أن يتخذ السيد المالك عبدا من عبيده ولدا له. وحجة أخرى هل لدى الزاعمين بأن لله ولدا حجة تثبت ذلك والجواب لا ، لا. قال تعالى مكذبا إياهم : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا) (٢) أي ما عندكم من حجة ولا برهان بهذا الذي تقولون ثم وبخهم وقرعهم بقوله : (أَتَقُولُونَ عَلَى (٣) اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ؟) وأمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول معلنا عن خيبة الكاذبين وخسرانهم : (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (٤) وإن قيل كيف لا يفلحون وهم يتمتعون بالأموال والأولاد والجاه والسلطة أحيانا فالجواب في قوله تعالى (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) (٥) أي ذلك متاع في الدنيا ، يتمتعون به إلى نهاية أعمارهم ، ثم إلى الله تعالى مرجعهم جميعا ، ثم يذيقهم العذاب الشديد الذي ينسون معه كل ما تمتعوا به في الحياة الدنيا ، وعلل
__________________
(١) وقال اليهود : عزير بن الله وقال النصارى عيسى بن الله والكل مفتر كذّاب ، ولا شك أن الشيطان هو الذي زيّن لهم هذا الباطل ليغويهم فيضلهم ويهلكهم.
(٢) (إِنْ) نافية بمعنى : (ما) كما هي في التفسير أي : ما عندكم من حجة تثبت ما ادعيتموه وتلزم به لقوتها كقوة ذي السلطان.
(٣) الاستفهام للتوبيخ والتقريع بجهلهم وكذبهم إذ الولد يتطلب المجانسة والمشابهة بينه وبين من ينسب إليه وأين ذلك؟ والله ليس كمثله شيء إذ هو خالق كل شيء.
(٤) الفلاح : الفوز ، والفوز هي السلامة من المرهوب والظهر بالمحبوب المرغوب ، والمفترون على الله الكذب لا ينجون من النار ولا يدخلون الجنة فهم إذا خاسرون غير مفلحين.
(٥) هذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها جواب سؤال هو : كيف لا يفلحون وهم في عزّة وقدرة وسلطان فيجاب السائل : بأن هذا متاع في الدنيا زائل لا قيمة له ، بالمقابلة بالفلاح المنتفي عنهم وهو فلاح الآخرة.