رجال دولته أن يحضروا له علماء السحر (١) ليبارى موسى في السحر فجمع سحرته فقال لهم موسى (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) (٢) فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ، فنظر إليه موسى وقال : (ما جِئْتُمْ) (٣) بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ (٤) إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (٥) وألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ للسحر طرق يتعلم بها وله علماء به وتعلمه حرام واستعماله حرام.
٢ ـ حد الساحر القتل لأنه إفساد في الأرض.
٣ ـ جواز المبارزة للعدو والمباراة له إظهارا للحق وإبطالا للباطل.
٤ ـ عاقبة الفساد وعمل أصحابه الخراب والدمار.
٥ ـ متى قاوم الحق الباطل انهزم الباطل وانتصر الحق بأمر الله تعالى ووعده الصادق.
(فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقالُوا عَلَى اللهِ
__________________
(١) طلب فرعون بإتيانه بالسحرة إذ قال : أئتوني بكل ساحر عليم قال هذا لما شاهد العصا واليد البيضاء فاعتقد أنها سحر فأراد أن يقابله بسحر قومه.
(٢) أي : اطرحوا ما معكم من حبالكم وعصيّكم.
(٣) أي : ما أظهرتموه لنا من هذه الحبال والعصي ، وقد تراءت وكأنها حيّات وثعابين هو السحر وعلّل لذلك بقوله إنّ الله سيبطله وعلة أخرى وهو أن الله لا يصلح عمل المفسدين ، وإظهار اسم الجلالة في التعليلين : (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) لإلقاء الروع وتربية المهابة في النفوس.
(٤) قال ابن عباس رضي الله عنه من أخذ مضجعه من الليل ثم تلا هذه الآية. (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) لم يضرّه كيد ساحر.
(٥) أراد بالمجرمين : فرعون وملأه ، وفي الكلام تعريض بهم ، وعدل عن وصفهم بالإجرام لأنّه مأمور أن يقول قولا ليّنا فاستغنى بالتعريض بدل التصريح