(الشَّاهِدِينَ) : جمع شاهد : من شهد لله بالوحدانية وللنبي محمد بالرسالة واستقام على ذلك.
(الصَّالِحِينَ) : جمع صالح : وهو من أدّى حقوق الله تعالى كاملة من الإيمان به وشكره على نعمه بطاعته ، وأدّى حقوق الناس كاملة من الإحسان إليهم ، وكف الأذى عنهم.
(فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا) : جزاهم بما قالوا من الإيمان ووفّقوا له من العمل جنات تجري من تحتها الأنهار.
معنى الآيات :
يخبر تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بعداوة كل من اليهود والمشركين للمؤمنين وأنهم أشد عداوة من غيرهم ، فيقول (لَتَجِدَنَ (١) أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) أما اليهود فلما توارثوه خلفا عن سلف من إنكار الحق. والوقوف في وجه دعاته ، إضافة إلى أن أملهم في إعادة مجدهم ودولتهم يتعارض مع الدعوة الإسلامية وأما المشركون فلجهلهم وإسرافهم في المحرمات وما ألفوه لطول العهد من الخرافات والشرك والضلالات. كما أخبر تعالى أن النصارى هم أقرب مودة للذين آمنوا فقال : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ (٢) مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) وعلل تعالى لهذا القرب من المودة بقوله : (ذلِكَ ...) أي كان ذلك بسبب أن منهم قسّيسين (٣) ورهبانا فالقسيسون علماء بالكتاب رؤساء دينيّون غالبا ما يؤثرون العدل والرحمة والخير على الظلم والقسوة والشر والرهبان لانقطاعهم عن الدنيا وعدم رغبتهم فيها ويدل عليه قوله : (وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) عن الحق وقبوله والقول به ولذا لما عمت المادية المجتمعات النصرانّية ، وانتشر فيها الإلحاد والإباحية قلّت تلك المودة للمؤمنين إن لم تكن قد انقطعت. أما قوله تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ
__________________
(١) اللّام في (لَتَجِدَنَ) لام القسم. وهذه الآيات الأربع كالفذلكة لما سبق من الآيات في أهل الكتاب.
(٢) هذه الآية نزلت في النجاشي وأصحابه إذ هاجر إليه المؤمنون الهجرة الأولى والثانية هروبا من اضطهاد المشركين وأذاهم ، ولمّا بعثت قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن ربيعة بهدايا تطالب برد المهاجرين إليها دعا النجاشي الرهبان والقسس وأسمعهم جعفر بن أبي طالب سورة مريم فبكوا حتى فاضت أعينهم من الدمع فنزلت هذه الآية.
(٣) جمع قسّ ويجمع على قساوسة ، والرهبان جمع راهب كراكب وركبان وفعله رهب يرهب رهبا ورهبا ورهبة إذا خاف والرهبانية والترهب التعبّد في صومعة أو دير.