(أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) : أي استجابها الله تعالى.
(فَاسْتَقِيما) : على طاعة الله بأداء رسالته والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه.
(سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) : أي طريق الجهلة الذي لا يعرفون محاب الله ومساخطه ولا يعلمون شرائع الله التى أنزل لعباده.
معنى الآيتين :
ما زال السياق في قصة موسى مع فرعون وبنى إسرائيل فبعد أن لج فرعون في العناد والمكابرة بعد هزيمته سأل موسى ربه قائلا (رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ) أي أعطيتهم (زِينَةً) أي ما يتزين به من الملابس والفرش والأثاث وأنواع الحلي والحلل وقوله (وَأَمْوالاً) (١) أي الذهب والفضة والأنعام والحرث (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي في هذه الحياة الدنيا وقوله : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) (٢) أي فيسبب ذلك لهم الضلال إذا (رَبَّنَا اطْمِسْ) (٣) (عَلى أَمْوالِهِمْ) أي أذهب أثرها بمسحها وجعلها غير صالحة للانتفاع بها ، (وَاشْدُدْ عَلى (٤) قُلُوبِهِمْ) أي اطبع على قلوبهم واستوثق منها فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم الموجع أشد الإيجاع ، قال تعالى : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ، فَاسْتَقِيما) (٥) على طاعتنا بالدعوة إلينا وأداء عبادتنا والنصح لعبادنا والعمل على إنقاذ عبادنا من ظلم الظالمين ، (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي فتستعجلا وقوع العذاب فإن الذين لا يعلمون ما لله من حكم وتدابير وقضاء وقدر يستعجلون الله تعالى في وعده لهم فلا تكونوا مثلهم بل انتظروا وعدنا واصبروا حتى يأتي وعد الله. وما الله بمخلف وعده.
__________________
(١) قيل : إنه كان لهم من فسطاط مصر إلى أرض الحبشة جبال فيها معادن الذهب والفضة والزبرجد والزمرد ، والياقوت.
(٢) في هذه اللّام أقوال : أصحها : أنها لام العاقبة ، والصيرورة. أي : يا رب إنك آتيت فرعون وقومه أموالا ليؤول أمرهم بسبب تلك الأموال إلى ضلالهم.
(٣) أي : عاقبهم على كفرهم بإهلاك أموالهم. وفعلا أصبحت حجارة لا ينتفع بها وكان ذلك عقوبة منه تعالى لهم على كفرهم وعنادهم.
(٤) قد استشكل العلماء وجه دعاء موسى على فرعون وقومه بالهلاك إذ المفروض أن يدعو لهم بالهداية. وأجيب بأنه قد علم بإعلام الله تعالى له أنهم لا يؤمنون فلذا دعا عليهم ، كما أعلم الله تعالى نوحا بعدم إيمان قومه فلذا دعا عليهم ، إذ قال له ربّه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) وهنا دعا عليهم قائلا : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً).
(٥) كان موسى يدعو ، وهارون يؤمن أي : يقول : آمين فاعتبر داعيا مع أخيه. لأنّ قول آمين معناه : اللهم استجب دعاءنا.