فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣))
شرح الكلمات :
(الْكِتابَ) : أي التوراة.
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) : أي لو لا ما جرى به قلم القدر من تأخير الحساب والجزاء إلى يوم القيامة.
(لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) : أي موقع في الريب الذي هو اضطراب النفس وقلقها.
(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) : أي على الأمر والنهي كما أمرك ربك بدون تقصير.
(وَلا تَطْغَوْا) : أي لا تجاوزوا حدود الله.
(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي لا تميلوا إليهم بموادة أو رضا بأعمالهم.
(فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) : أي تصيبكم ولازم ذلك دخولها.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم وحمله على الصبر والثبات وهو يبلغ دعوة الله تعالى ويدعو إلى توحيده مواجها صلف المشركين وعنادهم فيقول له. (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) (١) أي التوراة كما أنزلنا عليك القرآن. فاختلفت اليهود في التوراة فمنهم من آمن بها ومنهم من كفر كما اختلف قومك في القرآن فمنهم من آمن به ومنهم من كفر إذا فلا تحزن. وقوله تعالى (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) وهي تأخير الجزاء على الأعمال في الدنيا إلى يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) فنجى المؤمنين وأهلك الكافرين. وقوله تعالى (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) وإن قومك من مشركي العرب لفي شك من القرآن هل هو وحي الله وكلامه أو هو غير ذلك مريب أي موقع في الريب الذي هو شك مع اضطراب النفس وقلقها وحيرتها وقوله تعالى (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ (٢) رَبُّكَ
__________________
(١) ظاهر البيان أن الله تعالى يبتلي رسوله ويخفف عنه ما يجده من ألم من جراء كفر قريش بما جاءها به من الهدى ودين الحق فقال تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب أي التوراة فاختلف الناس في ذلك فآمن بعض وكفر بعض واليهود ما زالوا مختلفين في التوراة أي فيما تحمله من أحكام فهذا يحلل وهذا يحرّم.
(٢) قرىء وإن كلا بتخفيف إن وأعمالها على أنها المخففة من الثقيلة وقالوا سمع من يقول إن زيدا لمنطلق وشددها آخرون ونصبوا بها كلا ، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر لما بالتشديد وقرأ نافع وغيره بالتخفيف بناء على أن ما صلة واللام هي لام الابتداء التي تدخل على الخبر واللام الثانية لام القسم وفصل بين اللامين بما كراهية توالي لامين وعلى قراءة تشديد لما فقد خرجوها على أن الأصل لمن ما فأدغمت النون في الميم فصارت لما فاجتمع ثلاث ميمات فحذفت الميم الأولى تخفيفا فصارت لمّا وتوجيه الكلام وإن جميعهم للاقون جزاء أعمالهم.