أَعْمالَهُمْ) أي وإن كل واحد من العباد مؤمنا كان أو كافرا بارا أو فاجرا ليوفينّه جزاء عمله يوم القيامة ولا ينقصه من عمله شيئا وقوله (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) تقرير لما أخبر به من الجزاء العادل إذ العلم بالعمل والخبرة التامة به لا بد منهما للتوفية العادلة. وقوله تعالى (فَاسْتَقِمْ (١) كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ) أي بناء على ذلك فاستقم كما أمرك ربك في كتابه فاعتقد الحق واعمل الصالح واترك الباطل ولا تعمل الطالح أنت ومن معك من المؤمنين ليكون جزاؤكم خير جزاء يوم الحساب والجزاء. وقوله (وَلا تَطْغَوْا) أي لا تتجاوزوا ما حد لكم في الاعتقاد والقول والعمل وقوله (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) تحذير لهم من الطغيان الذي نهوا عنه ، وتهديد لمن طغى فتجاوز منهج الاعتدال المأمور بالتزامه. وقوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا (٢) إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) أي لا تميلوا إلى المشركين بمداهنتهم أو الرضا بشركهم فتكونوا مثلهم فتدخلوا النار مثلهم فتمسكم النار كما مستهم ، وقوله تعالى (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ (٣) أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) أي إن أنتم ركنتم إلى الذين ظلموا بالشرك بربهم فكنتم في النار مثلهم فإنكم لا تجدون من دون الله وليّا يتولى أمر الدفاع عنكم ليخرجكم من النار ثم لا تنصرون بحال من الأحوال ، وهذا التحذير وإن وجه إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ابتداء فإن المقصود به أمته إذ هي التي يمكنها فعل ذلك أما الرسول صلىاللهعليهوسلم فهو معصوم من أقل من الشرك فكيف بالشرك.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم والتخفيف عنه مما يجده من جحود الكافرين.
٢ ـ بيان سبب تأخر العذاب في الدنيا ، وهو أن الجزاء في الآخرة لا في الدنيا.
٣ ـ الجزاء الأخروي حتمي لا يتخلف أبدا إذ به حكم الحق عزوجل.
٤ ـ وجوب الاستقامة على دين الله تعالى عقيدة وعبادة وحكما وأدبا.
__________________
(١) قال ابن عباس ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية هي أشد ولا أشق من هذه الآية ولذا قال وقد سأله أبو بكر عن إسراع الشيب اليه شيبتني هود وأخواتها ، وليس الرسول وحده مأمورا بالاستقامة بل كل مؤمن ومؤمنة لقوله (ومن تاب معك) فاللهم أعنا على ذلك.
(٢) حقيقة الركون هي الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به قال قتادة معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم ولا ترضوا أعمالهم.
(٣) في الآية دليل على وجوب هجران أهل الكفر والمعاصي وأهل البدع والأهواء فإن صحبتهم كفر أو معصية إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة وقد قال حكيم :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه |
|
فكل قرين بالمقارن يقتدي |