(١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))
شرح الكلمات :
(فَلَوْ لا) : لو لا كلمة تفيد الحض على الفعل والحث عليه.
(مِنَ الْقُرُونِ) : أي أهل القرون والقرن مائة سنة.
(أُولُوا بَقِيَّةٍ) : أي أصحاب بقيّة أي دين وفضل.
(ما أُتْرِفُوا فِيهِ) : أي ما نعموا فيه من طعام وشراب ولباس ومتع.
(وَكانُوا مُجْرِمِينَ) : أي لأنفسهم بارتكاب المعاصي ولغيرهم بحملهم على ذلك.
(بِظُلْمٍ) : أي منه لها بدون ما ذنب اقترفته.
(أُمَّةً واحِدَةً) : أي على دين واحد وهو الإسلام.
(وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) : أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف وأهل الرحمة للرحمة.
معنى الآيات :
يقول تعالى لرسوله (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ) من قبلكم أيها الرسول والمؤمنون (أُولُوا (١) بَقِيَّةٍ) من فهم وعقل وفضل ودين ينهون عن الشرك والتكذيب والمعاصي أي فهلّا كان ذلك إنه لم يكن اللهم إلا قليلا ممن أنجى الله تعالى من اتباع الرسل عند إهلاك أممهم وقوله تعالى (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) (٢) أي لم يكن بينهم أولو بقيّة ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجى الله وما عداهم كانوا ظالمين لأنفسهم بالشرك والمعاصي متبعين ما اترفوا فيه من ملاذ الحياة الدنيا وبذلك كانوا مجرمين فأهلكهم الله تعالى ونجى رسله والمؤمنين كما تقدم ذكره في قصة نوح وهود وصالح وشعيب
__________________
(١) أصحاب بقية والبقية أهل فضل ودين وصلاح يوجدون كبقية باقية في وسط أمة ضالة فاسدة غلب عليها الضلال والفساد فتوجد بقية صالحة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
(٢) أترفوا أي أترفهم الله بما وسع عليهم من الأرزاق ولم يشكروه هؤلاء المترفون اتبعوا ما أترفوا فيه وانقطعوا إليه فلا هم لهم إلا متاع الحياة الدنيا ، وبذلك أجرموا على أنفسهم وعقولهم فأصبحوا بذلك مجرمين ، في الآية ذم الترف إن اتبعه صاحبه وانقطع به عن طاعة الله ورسوله.