عليهمالسلام. وقوله تعالى (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (١) أي لم يكن من شأن ربّك أيها الرسول أن يهلك القرى بظلم منه وأهلها مصلحون ، ولكن يهلكهم بسبب ظلمهم لأنفسهم بالشرك والتكذيب والمعاصي. وما تضمنته هذه الآية هو بيان لسنة الله تعالى في إهلاك الأمم السابقة ممن قص تعالى أنباءهم في هذه السورة. وقوله تعالى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) (٢) أي على الإسلام بأن خلق الهداية في قلوبهم وصرف عنهم الموانع. ولما لم يشأ ذلك لا يزالون مختلفين على أديان شتى من يهودية ونصرانية ومجوسية وأهل الدين الواحد يختلفون إلى طوائف ومذاهب مختلفة وقوله (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) (٣) أيها الرسول فإنهم لا يختلفون بل يؤمنون بالله ورسوله ويعملون بطاعتهما فلا فرقة ولا خلاف بينهم دينهم واحد وأمرهم واحد. وقوله (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) أي وعلى ذلك خلقهم فمنهم كافر ومنهم مؤمن ، والكافر شقي والمؤمن سعيد ، وقوله (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ) أي حقت ووجبت وهي (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ (٤) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٥) أَجْمَعِينَ) ولذا كان اختلاقهم مهيّئا لهم لدخول جهنم حيث قضى الله تعالى بامتلاء جهنم من الجن والإنس أجمعين فهو أمر لا بد كائن.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ ما يزال الناس بخير ما وجد بينهم أولو الفضل والخير بأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن الفساد والشر.
٢ ـ الترف كثيرا ما يقود إلى الاجرام على النفس باتباع الشهوات وترك الصالحات.
٣ ـ متى كان أهل القرى صالحين فهم آمنون من كل المخاوف.
٤ ـ الاتفاق رحمة والخلاف عذاب.
__________________
(١) في الآية إشارة إلى مصداق مثل سائر بين الناس وهو قولهم يدوم الكفر ولا يدوم الظلم. فالأمة إذا كان افرادها مصلحين لا يفسدون ولا يرضون الفساد ولا يقرونه فتطول حياتها ويعظم شأنها ولو كانت كافرة.
(٢) في الآية تقرير مشيئة الله تعالى التي لا يقع في الكون شيء إلا بها فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس كلهم على ملة الإسلام أو ملة الكفر أمة واحدة ولكن حكمته اقتضت اختلاف الناس لتتجلى في ذلك قدرته ورحمته وعدله وعفوه ومغفرته.
(٣) اجتماع الأمة وعدم اختلافها مظهر من مظاهر رحمة الله تعالى واختلافها مظهر من مظاهر عذابها وشقائها وحرمانها.
(٤) جملة لأملأن جهنم تفسير للكلمة التي أتمها الله تعالى وهي قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ..).
(٥) أي من الفريقين فمن تبعيضية فيدخل بعض الجن والإنس الجنة ويدخل بعض الجن والإنس النار.