من النصر.
(وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) : أي عذابنا الشديد.
(عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) : أي الذين أجرموا على أنفسهم بالشرك والمعاصي وأجرموا على غيرهم بصرفهم عن الإيمان.
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) : أي الرسل عليهمالسلام.
(ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) : أي ما كان هذا القرآن حديثا يختلق.
(تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) : أي ما قبله من الكتب الإلهية إذ نزل مصدقا لها في الإيمان والتوحيد.
معنى الآيتين
ما زال السياق في الدعوة إلى الإيمان والتوحيد بقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا) أي ما زال من أرسلنا من رسلنا يدعون إلينا ويواصلون دعوتهم ويتأخر نصرهم حتى يدب اليأس إلى قلوبهم (١) ويظن أتباعهم أنهم قد أخلفوا ما وعدوا به من نصرهم وإهلاك أعدائهم (جاءَهُمْ) بعد وجود اليأس نصرنا (٢) (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ). هذا ما جاء في الآية الأولى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) وهم أهل الشرك والمعاصي.
وقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ (٣) عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي كان في قصص الرسل مع أممهم بذكر أخبارهم وتبيان أحوالهم من نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين المكذبين عبرة يعتبر (٤) بها المؤمنون فيثبتون على إيمانهم ويواصلون تقواهم لربهم بأداء فرائضه واجتناب نواهيه.
وأولوا الألباب هم أصحاب العقول ، وقوله تعالى : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) أي لم يكن هذا القرآن العظيم بالحديث الذي في إمكان الإنسان أن يكذب ويختلق مثله بحال من
__________________
(١) أي : من إيمان قومهم ، لأنّ الله تعالى لم يعلمهم أنّ قومهم سيؤمنون حتى لا يصح منه ظن عدم إيمانهم.
(٢) المراد بالنصر : العذاب ، فلما جاء العذاب بعد طول انتظار نجى الله تعالى رسله والمؤمنين ، وأهلك أعداءه وأعداءهم الكافرين.
(٣) يدخل أوّلا قصة يوسف ، وإخوته ثم باقي القصص.
(٤) فكرة وتذكرة وعظة.