لَشَدِيدٌ) فاحذروه واخشوني فيه ، وقوله تعالى : (وَقالَ مُوسى) أي لبني إسرائيل (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ) نعم الله فلم تشكروها بطاعته (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) وكفرها من في الأرض جميعا (فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌ) عن سائر خلقه لا يفتقر إلى أحد منهم (١) (حَمِيدٌ) أي محمود بنعمه على سائر خلقه ، وقوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) هذا قول موسى لقومه وهو يعظهم ويذكرهم : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ (٢) نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ) أي لا يعلم عددهم ولا يحصيهم (٣) (إِلَّا اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي بالحجج والبراهين على صدق دعوتهم وما جاء به من الدين الحق ليعبد الله وحده ويطاع وتطاع رسله فيكمل الناس بذلك ويسعدوا ، وقوله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ) أي ردت الأمم المرسل إليهم أيديهم إلى أفواههم تغيظا على أنبيائهم وحنقا ، أو أشاروا إليهم بالسكوت فأسكتوهم ردا لدعوة الحق التي جاؤوا بها ، وقالوا لهم : (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) أي بما جئتم به من الدين الإسلامي والدعوة إليه ، (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) أي موقع في الريبة التي هي قلق النفس واضطرابها لعدم سكونها للخبر الذي يلقى إليها ، هذا وما زال السياق طويلا وينتهي بقوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ مشروعية التذكير بنعم الله لنشكر ولا نكفر.
٢ ـ وعد الله تعالى بالمزيد من النعم لمن شكر نعم الله عليه.
٣ ـ كفر النعم سبب زوالها.
٤ ـ بيان غنى الله تعالى المطلق على سائر خلقه فالناس ان شكروا شكروا لأنفسهم وإن كفروا كفروا على أنفسهم أي شكرهم ككفرهم عائد على أنفسهم.
٥ ـ التذكير بقصص السابقين وأحوال الغابرين مشروع وفيه فوائد عظيمة.
__________________
(١) أي : لا يلحقه نقص بكفر الناس ولو كفروا أجمعون.
(٢) صالح لأن يكون من قول موسى عليهالسلام ، ومن قول الله تعالى تعليما لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٣) ولا يعرف أنسابهم كذلك إلّا الله وفي الحديث : (كذب النسابون إن الله يقول لا يعلمهم إلا الله) قاله لمّا زاد النسابون على معد بن عدنان ، وقال : (لا ترفعوني فوق عدنان).