الآيات بعده (١) (فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ) أي تطمئن وتسكن عنده وتخشع فيزدادون هدى. وقوله تعالى : (وَإِنَّ اللهَ لَهادِ (٢) الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هذا إخبار منه تعالى عن فعله مع أوليائه المؤمنين به المتقين له وأنه هاديهم في حياتهم وفي كل أحوالهم إلى صراط مستقيم يفضي بهم إلى رضاه وجنته ، وذلك بحمايتهم من الشيطان وتوفيقهم وإعانتهم على طاعة الرحمن سبحانه وتعالى. وقوله تعالى : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) (٣) أي من القرآن هل هو كلام الله هل هو حق هل اتباعه نافع وتستمر هذه المرية والشك بأولئك القساة القلوب أصحاب الشقاق البعيد (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) أي فجأة وهي القيامة (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ (٤) عَقِيمٍ) أي لا خير فيه لهم وهو يوم بدر وقد تم لهم ذلك وعندها زالت ريبتهم وعلموا انه الحق حيث لا ينفع العلم.
وقوله تعالى : (الْمُلْكُ (٥) يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) أي يوم تأتي الساعة يتمحض الملك لله وحده فلا يملك معه أحد فهو الحاكم العدل الحق يحكم بين عباده بما ذكر في الآية وهو أن الذين آمنوا به وبرسوله وبما جاء به وعملوا الصالحات من فرائض ونوافل بعد تخليهم عن الشرك والمعاصي يدخلهم جنات النعيم ، والذين كفروا به وبرسوله وبما جاء به ، وكذبوا بآيات الله المتضمنة شرائعه وبيان طاعاته فلم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات وعملوا العكس وهو السيئات فأولئك البعداء في الحطة والخسة لهم عذاب مهين يكسر أنوفهم ذلة لهم ومهانة لأنفسهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان سنة الله في إلقاء الشيطان في قراءة الرسول أو النبي للفتنة.
٢ ـ بيان أن الفتنة يهلك فيها مرضى القلوب وقساتها ، ويخرج منها المؤمنون أكثر يقينا
__________________
(١) قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) جائز أن يكونوا من المؤمنين ومن أهل الكتاب.
(٢) ومثبتهم على الهداية.
(٣) ومن الدين ومن كل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) وعذاب يوم القيامة عذاب عظيم باعتبار أنه يوم لا ليلة له فهذا وجه العقم لأنّ العقيم هو الذي لا يخلّف ولدا ، ولما ذكر عذاب يوم القيامة تعيّن أن يكون هو يوم بدر ومعنى عقمه : أنه لا خير فيه للمشركين ولم يحصلوا منه على فائدة.
(٥) قالوا : الملك هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور ، وقيل في الآية إشارة إلى يوم بدر وهو بعيد ولا داعي إليه ، ودلالة الآية تنفيه.