الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلّا كذّاب مفتر» (١) وزعموا أنّه إذا كان هو الإمام وكان الإمام القائم المنتظر فلا إمام إذا غيره ، ولا يجوز أن يموت قبل ظهوره فتخلو الأرض من حجّة.
الجواب : أمّا قوله عليهالسلام «أنت ابني حقا» فلا شكّ في هذه المقالة ، وإنّما النزاع في دلالة هذا الكلام على تخصيصه بالإمامة ، وظاهر أنّه ليس فيه دلالة على ذلك ، بل إنّما يحمل ذلك على الشهادة له بالشجاعة وطيب المولد وذلك أنّ محمدا رضى الله عنه لمّا حمل الراية يوم البصرة ثم (٢) صبر حتى كشف الناس ، فأبان من شجاعته وبأسه ما كان مستورا (٣) ، سرّ به عليهالسلام وأحبّ أن يعظّمه ويمدحه على فعله ، أي أنّك تشبهني في هذا الخصال وفي الصبر في الله.
وأمّا كونه صاحب الراية كما كان علي عليهالسلام صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوآله فليس ذلك من الدلالة على إمامته في شيء البتة ، ولو صحّ الاستدلال بهذا القدر على الإمامة لكان كلّ من حمل راية النبي صلىاللهعليهوآله ولعليّ عليهالسلام كان منصوصا عليه بالإمامة ، وذلك ظاهر الفساد.
وبالجملة فهم مطالبون على تصحيح دعواهم بالدليل الموجّه.
وأمّا تمسّكهم في أنّه المهدي بقول الرسول صلىاللهعليهوآله فليس في هذا الخبر إلّا أنّ الله يبعث رجلا وله هذه الأوصاف ، أمّا أنّه هو هذا أو ذاك فلا يتناوله الخبر ، على
__________________
(١) انظر الغدير ٢ : ٢١٤ و٣ : ٢١٢ ، وتلخيص الشافي ٣ : ٢٤٤ (الهامش) ، وتتمة المراجعات : سبيل النجاة : ١٤٣ برقم ٥٥٦ و٢٣٥ برقم ٧٥٨. ويبدو أنّ المؤلف قد أخذ ذلك كلّه عن الفصول المختارة ٢ : ٢٩٦.
(٢) (ثمّ) من الفصول المختارة ٢ : ٣٠٢.
(٣) هنا في النسختين زيادة : و.