وبه خرج الجواب عن الثانية وعن الثالثة : فإنّ قبول فعل الشاهد ليس بمجرد قول ، بل لأنّ قوله أفاد ظنّا امرنا بوجوب العمل به ، حتى [أنّه] لو لم يفد قوله الظنّ لم يجب بمجرد قوله.
وعن الرابعة : أنّ متابعة الإمام في الصلاة ليست أيضا بمجرد قوله ، بل لقيامه مقام الإمام الحق ، حتى لو اختلّ أمر إمامته وجبت مراجعة الإمام الأكبر.
وعن الخامسة : أنّ حكم الأب والسيد في حقّ الولد والعبد حكم الأمير في رعيّته ، وقد مرّ الجواب عنه وهو جواب المعارضة الاولى ، وبالله التوفيق.
البرهان الثالث :أنّه لو جاز الخطأ على الإمام فبتقدير أنّ ترجّح المفاسد التي تحصل من نصبه على المصالح يجب عزله وتولية غيره بالإجماع ، لكن عزله محال ، لأنّ العازل له إمّا آحاد الامّة أو مجموعها ، والقسمان باطلان ، فيمتنع وجوب عزله.
[و] إنّما قلنا أنّه يستحيل أن يكون العازل له آحاد الامّة لوجوه ثلاثة :
أحدها : لو صحّ من أحدهم عزله كما صحّ عزل آحادهم لم يتميّز حاله عن حال كل واحد منهم ، فحينئذ لا يكون هو أولى بالإمامة من أحدهم.
الثاني : أنّ كلّ من شاهد أحوال الملوك والرعايا وتصفّح كثيرا من جزئيات العالم ، علم بالضرورة بحسب مقتضى العادة أنّ كلّ واحد من آحاد الرعية لا يتمكّن من عزل ملك بلدته فضلا عن ملك الأرض بجملتها.
الثالث : أنّه يلزم أن يكون كلّ واحد من الرعية لطفا في حقّ الإمام الذي هو لطف في حقّ كلّ واحد منهم ، فيلزم الدور.
وإنّما قلنا : أنّه لا يجوز أن يكون العازل له مجموع الامّة لوجوه :
أحدها : أنّ رعيّة الإمام هو مجموع أهل الأرض ، لكن اجتماع أهل الأرض