ومنها : أن العلماء مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الاسراء فكيف يكون هذا قبل أن يوحى إليه؟!
وأما قوله : في رواية شريك ، وهو نائم ، وفي الرواية الأُخرى : بينا أنا عند البيت ، بين النائم واليقظان ، فقد يحتج به من يجعلها رؤية نوم ، ولا حجة فيه ، اذ قد يكون ذلك حالة أول وصول الملك إليه ، وليس في الحديث ما يدل على كونه نائماً في القصة كلّها.
هذا الكلام للقاضي رحمهالله ، وهذا الذي قاله في رواية شريك ، وان أهل العلم أنكروها ، قد قاله غيره ، وذكر البخاري رواية شريك هذه عن أنس في كتاب التوحيد في صحيحه وأتى بالحديث مطولاً.
قال الحافظ عبد الحق في كتابه الجمع بين الصحيحين بعد ذكر هذه الرواية : هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك بن أبي نمر ، عن أنس وقد زاد فيه زيادة مجهولة ، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة ، وقد روى حديث الاسراء جماعة من الحفاظ المتقنين عن الائمة المشهورين ، كابن شهاب ، وثابت البناني ، وقتادة ، يعني عن أنس : فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث ، قال : والأحاديث التي تقدّمت قبل هذا هي المعول عليها (١).
وقال الكرماني في الكواكب الدراري : قال النووي : جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء ، في جملتها أنه قال : «ذلك قبل أن يوحي اليه» ، وهو غلط لم يوافق عليه.
__________________
(١). صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٢٠٩ ـ ٢١٠.