وما عُدّ مجد كمجد أولنا ، ولا كان في قريش مجدٌ لغيرنا ؛ لأنّها في كفر ماحق ، ودين فاسق ، وضلّة وضلالة ، في عشواء (١) عمياء ، حتى اختار الله تعالى لها نوراً ، وبعث لها سراجاً فانتجبه طيباً من طيّبين ، لا يسبّه بمسبّة ، ولا يبغي عليه غائلة ، فكان أحدنا وولدنا ، وعمّنا وابن عمنا ، ثمّ ان أسبق السابقين إليه منا وابن عمّنا (٢) ثمّ تلاه في السبق ، ثمّ أهلنا ولحمتنا واحداً بعد واحد.
ثمّ إنّا لخير الناس بعده وأكرمهم أدباً ، أشرفهم حسباً ، وأقربهم منه رحماً.
وا عجباً كل العجب لابن الزبير! يعيب بني هاشم ، وانما شَرُف هو وأبوه وجدّه بمصاهرتهم ؛ أما والله انه لمسلوب قريش ، ومتى كان العوّام بن خويلد يطمع في صفيّة بنت عبد المطلب! قيل للبغل : من أبوك يا بغل؟ فقال : خالي الفرس ، ثمّ نزل.
عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس
قال : خطب ابن الزبير بمكة على المنبر ، وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر ، فقال : ان هاهنا رجلاً أعمى الله قلبه كما أعمى بصره ، يزعم أن متعة النساء حلال من الله ورسوله ، يفتي في القملة والنملة ، وقد احتمل مال البصرة بالأمس ، وترك المسلمين بها يرتضجون (٣) النوى ، وكيف ألومه في ذلك ، وقد قاتل أُمَّ المؤمنين ، وحواريَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن وقاه بيده.
فقال ابن عباس لقائده سعد بن جبير بن هشام مولى بني أسد بن خزيمة :
__________________
(١). وهو سوء البصر بالليل والنهار.
(٢). علي بن أبي طالب.
(٣). يكسرونه.