وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (١) يا فاطمة (اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٢) ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله عزوجل لها مريم بنت عمران تمرضها ، وتؤنسها في علتها ، فتقول عند ذلك : يا رب إني قد سئمت الحياة ، وتبرّمت بأهل الدنيا فالحقني بأبي ، فيلحقها الله عزوجل بي فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليّ محزونة مكروبة ، مهمومة ، مغصوبة ، مقتولة ، فاقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذل من اذلها ، وخلّد في النار من ضرب جنبها ، حتى القت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك آمين.
وأما الحسن فإنه ابني وولدي ، ومني ، وقرّة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيّد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني ، وإني لمّا نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم مظلوما (٣) فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ، ويبكيه كلّ شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء ، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمي العيون ، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن فيه القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
وأمّا الحسين فإنّه منّي ، وهو ولدي وابني ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين ، ومولى المؤمنين ، وخليفة رب العالمين ، وغياث المستغيثين ، وكهف المستجيرين وحجة الله على خلقه أجمعين ، وهو سيّد شباب أهل الجنة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمري وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه مني ومن عصاه فليس مني ، وإني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري (٤) فلا يجار ، فاضمه في منامه إلى صدري ، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي ، وابشره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله ، وموضع مصرعه ، أرض كرب وبلاء ، وقتل وفناء ، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك سادة شهداء أمتي يوم القيامة ، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما» ، ثم بكى رسول الله صلىاللهعليهوآله وبكى من حوله ، وارتفعت الأصوات بالضجيج ، ثم قالصلىاللهعليهوآله وهو يقول : «اللهم إني اشكو إليك ما يلقي أهل بيتي بعدي» ، ثم دخل منزله (٥).
__________________
(١) آل عمران : ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) آل عمران : ٤٢ ـ ٤٣.
(٣) في المصدر : يقتل بالسم ظلما وعدوانا.
(٤) في المصدر : وقربي.
(٥) أمالي الصدوق ص ٩٩ ـ ١٠٢.