رفع رأسه فقال : «يا عبد الله سألت عظيما ولكني أخبرك أن ابني هذا ـ ووضع يده على كتف الحسينعليهالسلام ـ يخرج من صلبه ولد مبارك سمي جده علي عليهالسلام يسمى العابد ونور الزهاد ، ويخرج الله من صلب عليّ ولدا اسمه اسمي ، وأشبه الناس بي ، يبقر العلم بقرا وينطق بالحق ويأمر بالصواب ، ويخرج الله من صلبه كلمة الحق ، ولسان الصدق». فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبي الله؟ فقال : «يقال له: جعفر صادق في قوله وفعله ، الطاعن عليه كالطاعن عليّ ، والراد عليه كالراد عليّ». ثم دخل حسان بن ثابت وأنشد في رسول الله صلىاللهعليهوآله شعرا وانقطع الحديث.
فلما كان من الغد صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم دخل بيت عائشة ودخلنا معه أنا وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس ، وكان من دأبه صلىاللهعليهوآله إذا سئل أجاب وإذا لم يسأل ابتدأ فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين؟ قال : «نعم يا أبا هريرة. ويخرج الله من صلب جعفر مولودا نقيّا طاهرا أسمر ربعة (١) سمي موسى بن عمران؟ ثم قال له ابن عباس : ثم من يا رسول الله؟ قال : يخرج من صلب موسى علي ابنه يدعي بالرضا ، موضع العلم ، ومعدن الحلم ثم قالعليهالسلام بأبي المقتول في أرض الغربة ، ويخرج من صلب علي ابنه محمد المحمود أطهر الناس خلقا وأحسنهم خلقا ؛ ويخرج من صلب محمد علي ابنه ، طاهر الحسب ، صادق اللهجة ؛ ويخرج من صلب علي الحسن ، الميمون النقي الطاهر الناطق عن الله ، وأبو حجة الله ؛ ويخرج من صلب الحسن قائمنا أهل البيت ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، له هيبة موسى ، وحكم داود ، وبهاء عيسى. ثم تلا : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢)» فقال له علي بن أبي طالب : «بأبي أنت وأمّي يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكرتهم؟» قال : «يا علي اسماء الأوصياء من بعدك ، والعترة الطاهرة والذرية المباركة» ، ثم قال : «والذي نفس محمد بيده لو أن عبدا عبد الله ألف عام ثم ألف عام بين الركن والمقام ، ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبه الله في النار كائنا من كان».
قال أبو علي ابن همام : العجب كل العجب من أبي هريرة يروي هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت عليهمالسلام (٣).
الحادي والستون : ابن بابويه قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد ابن علي الخزاعي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : حدّثنا أبو هاشم عمر بن عبد الله
__________________
(١) الربعة : الوسيط القامة.
(٢) آل عمران : ٣٤.
(٣) رواه المجلسي في البحار : ٣٦ / ٣١٢ ـ ٣١٤ عن كفاية الاثر.