أبي عليهالسلام حتى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ ، فقال له أبي : «يا جابر أنظر أنت في كتابك لأقرأه أنا عليك» ، فنظر جابر في نسخته فقرأ عليه أبي عليهالسلام فو الله ما خالف حرف حرفا ، فقال جابر : فاني اشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا :
بسم الله الرّحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نوره وسفيره وحجابه ودليله ، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين ، عظم يا محمد أسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، إني أنا الله لا إله إلا أنا قاصم الجبارين ومذل الظالمين ، ومبير المتكبّرين ، وديّان يوم الدين ، إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي ، أو خاف غير عدلي ، عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين ، فإياي فاعبد ، وعليّ فتوكل ، إني لم أبعث نبيا فاكملت أيّامه ، وانقضت مدّته ، إلا جعلت له وصيا ، وإني فضلتك على الأنبياء ، وفضلت وصيّك على الأوصياء وأكرمته بعدك بسبطيك (١) الحسن والحسين ، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه ، وجعلت حسينا خازن وحيي ، واكرمته بالشهادة ، وختم له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي التامة معه ، والحجة البالغة عنده ، بعترته اثيب واعاقب ، أوّلهم علي سيد العابدين ، وزين أوليائي الماضين ، وابنه سمي جده المحمود ، محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي ، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد عليّ ، حق القول مني لاكرمن جعفرا (٢) ولأسرنه في أشياعه وانصاره وأوليائه ، وانتجبت بعده موسى ، وانتجبت بعده فتاه (٣) ، لأن خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى ، وأن أوليائي لا يشقون أبدا ، ألا ومن جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غير آية من كتابي فقد افترى عليّ ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي ، ان المكذب (٤) للثامن مكذب بجميع أوليائي ، وعلي وليي وناصري ، أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه بالاضطلاع ، يقتله عفريت مستكبر ، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح (٥) إلى جنب شر خلقي ، حق القول مني لا قرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ، فهو وارث علمي ، ومعدن حكمي ، وموضع سري ، وحجتي على خلقي ، وجعلت الجنة مثواه ، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار ، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري ، والشاهد في
__________________
(١) في المصدر : واكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك.
(٢) في المصدر : لاكرمن مثوى جعفر.
(٣) في المصدر : وانتحبت بعد موسى فتنة عمياء حندس ، لان.
(٤) في المصدر : ألا ان المكذبين.
(٥) في المصدر : العبد الصالح ذو القرنين.