ثم قال : يا بلال هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ، ومنطقتي التي أشدها على درعي ، فجاء بلال بهذه الأشياء فوقف بالبغلة بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا علي قم فاقبض. قال : فقمت وقام العباس فجلس مكاني ، فقمت فقبضت ذلك فقال : انطلق به إلى منزلك ، فانطلقت به ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فنظر إليّ ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إليّ فقال : هاك يا علي هذا لك في الدنيا والآخرة ، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين فقال : يا بني هاشم ، يا معشر المسلمين لا تخالفوا عليّا فتضلّوا ، ولا تحسدوه فتكفروا ، يا عباس قم من مكان علي فقال : تقيم الشيخ وتجلس الغلام ، فاعادها عليه ثلاث مرات ، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عباس يا عم رسول الله لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس» (١).
وروى هذا الحديث الشيخ مرة أخرى هكذا في مجالسه : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزّاز أبي العباس القرشي قال : حدّثنا أيوب بن نوح ابن دراج قال : حدّثنا محمد ابن سعيد بن زائدة ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن محمد بن علي ، وعن زيد بن علي كلاهما عن أبيهما علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (٢) قال : «لمّا ثقل رسول اللهصلىاللهعليهوآله في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملو من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، والعباس بين يديه يذبّ عنه بطرف ردائه ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يغمى عليه ساعة ويفيق أخرى (٣) ثم وجد خفّة ، فأقبل على العباس فقال : يا عباس يا عم النبي اقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي ، واقض ديني ، وأنجز عداتي وأبرئ ذمتي ، فقال العباس : يا نبي الله أنا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال ممدود ، وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة ، فلو صرفت ذلك عني إلى من اطوق له مني. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله أما إني ساعطيها من يأخذها بحقها ، ومن لا يقول مثل ما تقول ، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد ، يا علي اقبل وصيتي وأنجز مواعيدي ، وأدّ ديني ، يا علي اخلفني في أهلي ، وبلّغ عني من بعدي. قال علي عليهالسلام : فلما نعي إليّ نفسه رجف فؤادي ، والقى عليّ لقوله البكاء ، فلم أقدر أن أجيبه بشيء ، ثم عاد لقوله فقال : يا علي او تقبل وصيتي؟ قال : فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن ابين : نعم يا رسول الله. فقال صلىاللهعليهوآله يا بلال
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٢) في المصدر : الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب.
(٣) في المصدر : ويفيق ساعة.