ائتني بسوادي ، ائتني بذي الفقار ، ودرعي ذات الفضول ، ائتني بمغفري (١) ذي الجبين ورايتي العقاب ، ائتني بالعنزة والممشوق ، فأتى بلال بذلك إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة. ثم قال : ائتني بالمرتجز والعضباء ، ائتني باليعفور والدلدل ، فأتى بهما فوقفهما في الباب ثم قال : ائتني بالأتحمية (٢) والسحاب فاتاه بهما ، فلم يزل يدعو بشيء شيء. فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب ، فطلبها فاتي بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار ، ثم قال : يا علي قم فاقبض هذا ومد اصبعه وقال : في حياة مني وشهادة من في البيت لكيلا ينازعك أحد من بعدي ، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي فقال : يا علي أجلسني ، فاجلسته وأسندته إلى صدري.
قال علي عليهالسلام : فلقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وان رأسه ليثقل ضعفا وهو يقول ـ يسمع اقصى أهل البيت وأدناهم ـ : إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب ، يقضي ديني وينجز موعدي ، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليا ولا تخالفوا أمره فتضلوا ، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا ، أضجعني يا علي ، فاضجعته فقال : يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين ، فانطلق فجاء بهما فاسندهما إلى صدره فجعل صلىاللهعليهوآله يشمهما. قال علي عليهالسلام فظننت أنّهما قد غمّا ـ قال أبو الجارود يعني أكرباه ـ فذهبت لاخذهما عنه فقال : دعهما يا علي يشماني ويتزودا مني وأتزود منهما فسيلقيان من بعدي أمرا عضالا ، فلعن الله من يخيفهما ، اللهم إني استودعكهما وصالح المؤمنين» (٣).
السادس والعشرون : ابن بابويه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور ، قال : حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إن خلفائي وأوصيائي ، وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر : أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : علي بن أبي طالب قيل : فمن ولدك؟ قال المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي ، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض
__________________
(١) المغفر والمغفرة : زرد يلبسه المحارب تحت القلنسوة.
(٢) في المصدر : بالانجية.
(٣) أمالي الطوسي : ٢ / ٢١٣ ـ ٢١٤.