إدراكهم. والآية الأولى : هو الذي خلقكم ، دليل على التوحيد ، والآية الثانية : ثم قضى أجلا ، دليل على البعث كما لا يخفى.
٣ ـ (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ ...) هو مبتدأ ، والله خبره. وهذا الضمير عائد لذاته المقدّسة ، ولفظة الجلالة بيان لها. وحاصل ذلك أن المعبود في جميع الكائنات ليس إلّا الله تعالى ، سواء أكان ذلك في السماوات أم في الأرض. وفي كتاب التوحيد عن الصادق عليهالسلام : كذلك هو في كل مكان .. إلى أن قال : ولكن هو بائن عن خلقه ، محيط بما خلق علما وإحاطة وقدرة وسلطانا وملكا. وليس علمه بما في الأرض بأقلّ مما في السماء ، لا يبعد عنه شيء ، والأشياء عنده سواء (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) ففي تفسير القمي : السر ما أسرّ في نفسه ، والجهر ما أظهره (وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) أي ما تجنون من خير أو شر ، فتثابون على الخير ، وتعاقبون على الشر.
٤ ـ (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ ...) أي ما جاءتهم حجة من حجج الله تعالى ، وبانت لهم حقيقتها الدالّة على أنها معجزة من معجزاته جلّ وعلا كآيات القرآن وغيرها ممّا ذكره القرآن الكريم وممّا يعجز البشر عن الإتيان بمثله ، (إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) أي منصرفين رغم ظهورها لأنهم لا يتأملون ولا يتفكرون بآيات الله عزوجل مع وضوحها ودلالتها. ولفظة : «من» الأولى : مزيدة ، و «من» الثانية : للتبعيض.
٥ ـ (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ ...) أي كذّبوا بما جاءهم به النبيّ صلىاللهعليهوآله من الحق من ربهم ، وهو القرآن الذي قالوا إنه من عند محمد واستهزءوا به ، فتربّص بهم (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) يعني أن تكذيبهم بالحق وإعراضهم عن آيات الله لن يحول دون مجيء أنباء : أي أخبار ما استهزءوا به من نزول العذاب عليهم في الدنيا وفي الآخرة. فألفت نظرهم يا محمد ، وقل لهم :