كانوا متتابعين بعضهم في إثر بعض. وقرئ : مردفين على صيغة اسم المفعول ، من جانب أهل المدينة فقط.
١٠ ـ (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى ...) الهاء في : جعله ، عائدة للإمداد بالملائكة ، لأنه مدار الكلام. وهذا يعني أن الله سبحانه ما جعل ذلك الإمداد إلّا بشارة لكم بالنصر ولتطمئن قلوبكم. ولولا تسكين نفوسكم لكان ملك واحد كافيا لتدمير المشركين وزلزلة الأرض تحت أقدامهم. واختلف المفسرون في هل إن الملائكة قاتلت أم أنها شجّعت وكثّرت عدد المسلمين. وقد روى عبد الله بن مسعود أن أبا جهل سأله قائلا : من أين كان يأتينا الضرب ولا نرى الشخص؟ قال : من قبل الملائكة. فقال : هم غلبونا لا أنتم. وكذلك روى ابن عباس أن الملائكة قاتلت فعلا (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي لم يكن النصر في الواقع من قتال الملائكة ، وإنما هو من قبل الله ، فهم عباده ينصر بهم من يشاء. وعلى كل حال فليس النصر بكثرة العدد ولا بقلّته ، ولكنه من عند الله جلّ وعلا (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) قوي منيع لا يرد قضاؤه ، وهو (حَكِيمٌ) يجري أفعاله على ما تقتضيه الحكمة.
* * *
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ