الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤))
١١ ـ (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ...) قرئ : يغشيكم ، ولا فرق في المعنى وإن اختلفت الصيغة ، كما أنه قرئ : يغشاكم النّعاس ، بإسناد الفعل إلى النعاس ، وهي قراءة شاذة. وقد مرّ تفسير هذه العبارة عند قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) ، والنّعاس هو أول النوم ، وقد انتصب أمنة بأنه مفعول له والعامل فيه يغشّي. وأمنة يعني أمانا من العدوّ ولئلّا تنتبهوا إلى عدده وعديده فتخافوا فإن الإنسان إذا نعس تخفّ عليه وطأة الخوف ، وقيل أمانا من الله سبحانه ودعة منه لتزداد قوّتهم على القتال حين يستشعرون بالراحة. وَهو تعالى الذي كان حينئذ (يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي مطرا (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) وذلك أنهم سبقهم الكفار إلى الماء ، وأقاموا ـ هم ـ على كثيب رمل وأصبحوا محدثين ومجنبين وأصابهم العطش وجاء الشيطان يوسوس لهم بسبق عدوّهم إلى الماء وبأنهم لن يصلوا إليه إذ لا يستطيعون السير على الرمل حيث تسوخ أقدامهم فيه. فأنزل الله المطر فاغتسلوا من الحدث ومن الجنابة وصلبت الأرض تحت أقدامهم وغاص أعداؤهم في الوحل لأنهم كانوا في أرض ترابية (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) أي وسوسته بالقبيح الذي رماكم به ، وقيل إنه وسوس لهم بأنه لا طاقة لهم بالأعداء (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) ليشدّ عليها ويشجّعكم ويزيدكم أملا بالنصر عليهم (وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) أي ليجعل أقدامكم ثابتة لا تزول في الحرب.
١٢ ـ (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ ...) يعني الملائكة الذين أعانوهم في الحرب حين أمدّهم الله تعالى بهم ، فقد أوحى إليهم أني معكم ، أعينكم وأنصركم. والوحي هنا إلقاء في القلب يدركه وتقوى به النفس. فقد ألقى سبحانه في روع الملائكة : أني معينكم (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) قوّوهم بالبشارة بالنصر. وروي أن الملك كان يسير أمام