وحمل أمير المؤمنين (ع) على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه. وفي هذه اللحظة اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون : يا عليّ أما ترى أن الكلب قد نهز عمّك؟ فحمل عليّ على شيبة ثم قال : يا عم طأطئ رأسك إذ كان حمزة أطول من شيبة ، فأدخل حمزة رأسه في صدره فضرب عليّ شيبة فطرح نصفه الأعلى فقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما بطر أبناء ربيعة ، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنريهم ضلالتهم التي هم عليها.
وجاء إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جشعم فقال لهم : أنا جار لكم ، ادفعوا إليّ رأيتكم ، فدفعوا إليه راية الميسرة التي كانت مع بني عبد الدار ، فنظر إليه رسول الله (ص) وقال للمسلمين : غضّوا أبصاركم وعضّوا على النواجذ ، ورفع يده فقال : يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد. ثم أصابته غشية قليلا وأفاق منها وهو يمسح العرق عن وجهه الشريف وقال : هذا جبرائيل قد أتاكم بألف من الملائكة مردفين. ولقد روى أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أنه قال : لقد رأينا يوم بدر أن أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه من جسده قبل أن يصل إليه السيف. وقال ابن عباس : حدثني رجل من بني غفار قال : أقبلت أنا وابن عم لي حتى صعدنا جبلا يشرف بنا على بدر ونحن يومئذ مشركان ننظر الوقعة وننتظر على من تكون الدبرة. فبينا نحن هناك إذ دنت منّا سحابة فيها حمحمة الخيل ، فسمعت قائلا يقول : أقدم حيزوم. ثم قال : فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.
وقال عكرمة : قال أبو رافع مولى رسول الله (ص) كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلمت وأسلمت أمّ الفضل. وكان العباس يكره أن يخالف قومه ويهابهم وكان يكتم إسلامه. وكان أبو لهب عدوّ الله قد تخلّف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة ، وكذلك صنعوا فلم يتخلّف رجل إلا بعث