ثم انتقل سبحانه من هذا الفرض وتفصيله إلى وصف ما أجراه على المسلمين من مننه وفضله يوم معركة بدر فقال :
* * *
(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤))
٤٢ ـ (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى ...) أي اذكروا أيها المسلمون يوم بدر إذ كنتم بالعدوة الدنيا : وهي شفير الوادي الأسفل ، وكان أصحاب النفير ، أعداؤكم من كفّار قريش ، على شفير الوادي الأعلى (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي وأبو سفيان ومن معه في العير في موضع أسفل من موضعكم من ناحية ساحل البحر وقد نصب : أسفل ، لأن تقديره : بمكان أسفل ، فهو في موضع جرّ وهو غير منصرف ويجوز أن يكون نصبه على الظرف بتقدير : والرّكب مكانا أسفل منكم. أما الزجاج فأجاز رفعها كخبر للركب ، فانتبهوا كيف قارن سبحانه بينكم