على بطلان الجبر وعلى ثبوت الاختيار ، فإن الله لا يخلق الكفر في نفس الكافر ويعذّبه عليه ، ولا يجوز أن يعذّب عبدا إلا بما كسبت يداه.
* * *
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤))
٥٢ ـ (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) الدأب هو العادة والطريقة والحال ، وإدامة الفعل. وهنا يبيّن سبحانه أن حال الكفار الذين تكلّم عنهم ، كحال الذين من قبلهم ، ودأبهم في الكفر بمحمد صلىاللهعليهوآله ، كدأب آل فرعون ومن سبقهم في تكذيب الرّسل وفي لفظة كدأب : الكاف في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ، والتقدير : دأبهم كدأب ... فالمكذبون من آل فرعون والذين من قبلهم (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) وأنكروها كما أنكر هؤلاء (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) أي فعاقبهم (بِذُنُوبِهِمْ) وسيئاتهم وعصيانهم (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) قادر لا يستطيع أحد منع عقابه للمستحق (شَدِيدُ الْعِقابِ) عذابه لمن استحقّه لا توصف شدّته.
٥٣ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً ...) أي ذلك الذي ذكره سبحانه من أخذ الكفار وعقابهم ، يدل على أنه جلّ وعلا عن تغيير نعمة (أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ) أي بسطها لهم ومنّ بها عليهم (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما