والحجة الواضحة نصرّف الآيات : نغيّرها ونبدّل بعضها ببعض ، وننقلها من حال إلى حال ليتمّ البرهان القاطع على صدق ما أنزلناه (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) إذ توهّمت قريش وكانت تقول لرسول الله صلىاللهعليهوآله قد درست : أي تعلّمت تصريف هذه الآيات بهذا الشكل المعجز من أهل الكتاب ، ودرست عليهم ، وفهمت منهم ، وليس هذا التصريف من عند الله. وكلمة : ليقولوا ، يظهر فيها معنى عاقبة تصريف الآيات ، لأن من عاقبة ذلك أن قالوا للنبيّ (ص) : درست هذه الآيات وعرفت تصريفها من غيرك. وقد قال القمي : كانت قريش تقول لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الذي تخبرنا به من الأخبار تتعلّمه من علماء اليهود وتدرسه منهم .. والحاصل أننا نصرّف الآيات على هذا الشكل وإن كان عاقبة ذلك أنهم يقولون درست ، لنلقي الحجة (وَلِنُبَيِّنَهُ) أي نوضحه «والضمير عائد للقرآن الكريم بقرينة المقام ولاحتوائه الآيات باعتبار المعنى» ولنكشف أسرار ذلك (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وهم المؤمنون المنتفعون به.
* * *
(اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧))
١٠٦ ـ (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) أي : اسلك طريق ما نزل عليك من وحي الله تعالى وخذ به لأن الرشد والنّجاة بذلك ، والضلالة والغيّ في خلافه (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أورد سبحانه وتعالى كلمة التوحيد هنا ترغيبا في الإقبال عليه دون سواه وتنبيها إلى أن لا ربّ غيره (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي : انصرف عنهم وعن أقوالهم وآرائهم لأنهم لا يعرفون