بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١))
١٠٨ ـ (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...) أي لا تشتموا المشركين الذين يدعون : يسمّون بالرّبوبيّة من هو دون الله ، يعني غيره ، فلا تسبّوهم (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً) أي تجاوزا وتعدّيا على الحق «والعدو كالعدوان مصدران لعدا الذي يأتي بمعاني مختلفة» فالمشركون لا يتورّعون عن سبّ الله اعتداء و (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي عن جهل به سبحانه ، والجهل في هذا المورد داء لا دواء له إلّا السؤال والاستيضاح ، وهم لا يسألون ولا يحبّون أن يفهموا وهم بالنتيجة باقون على الجهالة (كَذلِكَ) أي في مثل هذا الحال (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) أرينا كلّ قوم عملهم مقبولا وحسنا بنظرهم «وفقا لرغبتهم ولما اختاروه» ولم نكفّهم جبرا عمّا هم عليه ولا كفيناهم الضلال والانزلاق لأنهم لم يرغبوا في هدى ولا في حق (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ) أي معادهم إليه سبحانه يوم القيامة (فَيُنَبِّئُهُمْ) يخبرهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) إذ يطلعهم على ما فعلوه ، ويجازيهم على أعمالهم القبيحة ودعوتهم إلى الكفر والإلحاد.
١٠٩ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ...) أي حلفوا به تعالى أيمانا مغلظة ليقبل المؤمنون قولهم ، بأنهم (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) يعني نزلت على قريش آية من الآيات التي كانوا يقترحونها (لَيُؤْمِنُنَّ بِها) ليصدّقنّ بها ، فقد قرروا فيما بينهم أن يخدعوا المؤمنين بالأيمان التي يحلفونها غافلين عن أنّ الله تعالى يسمع ويرى مخادعتهم ، ولا يدع المؤمنين يصدّقونهم بل يطلعهم على ما يبيّتون ، ولذا نزلت هذه الشريفة على النبيّ صلّى الله