عليه وآله حيث أمره الله سبحانه : (قُلْ) يا محمد : (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) وليس من شأن المخلوق أن ينزل آية حتى تطلبوا ذلك منّي ، فإنزال الآيات منحصر بذاته المقدّسة جلّ وعلا (وَما يُشْعِرُكُمْ) أي ما يدريكم ويجعلكم تحسّون (أَنَّها) أي الآيات التي يقترحونها (إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) فهؤلاء كذّابون مكذّبون. وجملة : ما يشعركم ، استفهام إنكاريّ.
١١٠ ـ (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ...) الآية عطف على ما قبلها ، ونقلّب أي : نحوّل قلوبهم عمّا جعلناه من سبل المعرفة المؤدّية إلى التوحيد والإيمان بالرّسل ، إلى ما هو ضدها من العكوف على الأوثان والأصنام «وهذا من أشد أقسام النقمة والغضب» لأن أفئدتهم تضلّ عن الحق فلا يفقهونه ، وأبصارهم تعمى عنه فلا يبصرونه (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) قال القمي : أول مرة : يعني في عالم الذّر وأخذ الميثاق. والمراد بأول مرة : قبل بعثة محمد (ص) ودعوتهم للإسلام ، أي قبل القرآن. فهو سبحانه عالم بحالهم ومآلهم ، عارف بحقيقتهم وبأنهم لا يؤمنون أبدا ولا أزلا ، وقد خلقهم لإظهار قدرته التي كان ينبغي أن تقودهم إلى الإيمان فبقوا على كفرهم واستحقوا سخطه وغضبه في الدنيا ، وعذابه ونقمته في الآخرة (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي نتركهم ولا نمنعهم عمّا هم فيه من الضلالة وتجاوز الحد الذي هو الطغيان ، فندعهم مستغرقين في تجاوزهم طريق الهداية ، متحيّرين متخبّطين فيما هم فيه ، كل ذلك لنميّز الخبيث من الطيّب في هذه الحياة الدنيا التي هي دار اختيار واختبار ، لا دار لقلقة لسان وفذلكة شيطان.
١١١ ـ (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ ...) هذه الشريفة جواب لما طلبوه من الله عزّ اسمه لينزله عليهم بواسطة نبيّه (ص) فقال سبحانه وتعالى : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) كما طلبوا منك ورأوا الملائكة (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى) وذكروا لهم ما رأوه من أهوال الموت والقبر والبرزخ (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) أي : ولو جمعنا إليهم كلّ شيء قبائل وجماعات ،