وبما مرّ يتبيّن معنى ما ورد من الروايات في تفسير الآية :
ففي الكافي عن زرارة ، قال : «سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن قول الله ـ عزوجل ـ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) السماوات والأرض وسعن الكرسيّ ، أو الكرسيّ وسع السماوات والأرض؟ فقال ـ عليهالسلام ـ : إنّ كلّ شيء في الكرسي». (١)
أقول : وهذا المعنى مرويّ في عدّة روايات عنهم بما يقرب من هذا السؤال والجواب ، وهو بظاهره غريب إذ لم يرو قراءة «كرسيّه» بالنصب ، و «السموات والأرض» بالرفع ، حتّى يستصحّ به هذا السؤال.
والظاهر أنّه مبنيّ على ما يتوهّمه الأفهام العاميّة : أنّ «الكرسي» جسم مخصوص موضوع فوق السماوات والأرض ـ أعني عالم الأجسام ـ منه تبتدئ أحكام المملكة الجسمانيّة ، فتكون السماوات والأرض وسعته ؛ إذ كان موضوعا عليها لا بالعكس ، فيكون معنى السؤال : أنّ الأنسب أنّها وسعت الكرسي فما معنى وسعته لها؟ والتعبير عنه بهذا اللفظ شائع ، فاجيب : أنّ الوسعة من غير سنخ وسعة الأجسام بعضها لبعض.
وروى الصدوق عن حفص بن غياث قال : «سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن قول الله ـ عزوجل ـ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) قال : علمه». (٢)
وروى أيضا عنه في الآية : «السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره». (٣)
__________________
(١). الكافي ١ : ١٣٣ ، الحديث : ٥.
(٢). التوحيد : ٣٢٧ ، الحديث : ١.
(٣). التوحيد : ٣٢٧ ، الحديث : ٢.