وقوله : (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ)
كما قيل في مقام التعليل لمحاجّته ؛ من باب وضع علّة ضدّ الشيء موضع علّته ، كما يقال : «أساء إليّ فلان لأنّي أحسنت إليه» يراد به : أنّه جازاني بالإساءة بدل أن يجازيني بالإحسان لأنّي أحسنت إليه.
وقوله : (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)
وصف الله بالإبهام عنه إشعارا بأنّ الربّ هكذا يجب أن يكون ، فغيره تعالى ممّا يدعى ربّا غير مستحقّ لأن يدعى ربّا ، كالأصنام.
فغالطه نمرود بتمويه معنى الإحياء والإماتة بإطلاق الأسير وقتله ؛ حيث يسمّيان مجازا إحياءا وإماتة ، فقال : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) فمفاده : أنّي مصداق لما ذكرت احيي واميت فأنا ربّك ، وليس مفاده : أنّ الذي ذكرت من الإحياء والإماتة غير مختصّ بربّك ؛ إذ لو كان كذلك كان من حقّ الكلام الوصل ، فيقال : «وأنا احيي واميت» ، ولذلك عدل إبراهيم ـ عليهالسلام ـ عن الإبهام بالوصف ثانيا إلى التصريح بالاسم ، فقال : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) فأثبت حجّة نفسه وأبطل حجّة خصمه في كلام واحد جميعا ، فافهم ذلك.
قوله سبحانه : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ ...)
الروايات الواردة في تفسيرها مختلفة : (١) فبعضها يعدّ صاحب القصّة عزير النبيّ ـ عليهالسلام ـ ، وبعضها أرميا النبيّ ـ عليهالسلام ـ ، وفيها بعض اختلافات اخر.
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ٨٦ و ٩٠ ؛ تفسير العيّاشي ٢ : ١٤٠ ، الحديث : ٤٦٦.