لكنّها جميعا جهات تاريخيّة خارجة عن الخصوصيّات اللائحة من القرآن ، غير ممكنة التأييد بشيء منها. لكن لو ثبت أنّ قول اليهود : «عزير ابن الله» لانبعاثه بعد موته ايّدت روايات العزير بقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ). (١)
وكيف كان فقوله : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ) استعظام لقدرة الله تعالى في صورة الاستبعاد ، وهو مصحّح التناسب بين الآيتين.
وقوله : (قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)
الهاء للسكت ، وبهذا قرئ بحذفها في الوصل ، وكأنّ إثباتها تبعا للرسم.
وهذان الأمران ـ بالنظر إلى حال المستمع ـ في مكان الشاهد على قوله : (بَلْ لَبِثْتَ) إذ الكلام الإلهي وإن كان صادقا لا يقع فيه شكّ ، لكنّ متن هذا الكلام ـ من حيث هو كلام ـ يحتمل الشكّ من وجهين :
أحدهما : من حيث زيادة مدّة اللبث مع احتماله اليوم وبعض اليوم.
وثانيا : من حيث عدم التغيّر في إدراك هذا الذي اميت وبقي على ذلك مائة عام ، فالموت ليس بإعدام للميّت ، وإنّما هو انتقال من دار إلى دار ، وترك نوع من الحياة وأخذ نوع منها ، فالميّت إذا احيي وردّ إلى الدنيا وجب أن يذكر حياته البرزخيّة.
فدلّ سبحانه على الدعوى الثانية بقوله : (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) ولكونهما معا دليلا واحدا جيء بصيغة الإفراد في قوله : (لَمْ يَتَسَنَّهْ).
وعلى الدعوى الاولى بقوله : (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) وبه يظهر أنّ الحمار كان ميّتا وأنّ العظام في قوله : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) إمّا عظام الحمار فقط ،
__________________
(١). التوبة (٩) : ٣٠.