يقبلوها من تثقيلها (١) وقبلها رسول الله ، وعرضها على امّته فقبلوها ، فلمّا رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنّهم لا يطيقونها.
فلمّا أن سار إلى ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه ، فقال : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) فأجاب ـ مجيبا عنه وعن امّته ـ فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فقال جلّ ذكره : لهم الجنّة والمغفرة عليّ إن فعلوا ذلك ، فقال النبيّ : أمّا إذا فعلت بنا ذاك ف (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) يعني المرجع في الآخرة ، فأجابه الله جلّ ثناؤه : وقد فعلت ذلك بك وبامّتك.
ثمّ قال جلّ ثناؤه : أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها ـ وقد عرضتها على الامم ، فأبوا أن يقبلوها وقبلتها امّتك ـ فحقّ عليّ أن أرفعها عن امّتك ، وقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ) من خير (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شرّ ...» (٢) الحديث.
أقول : وهو ـ كما ترى ـ يجعل قوله : (آمَنَ الرَّسُولُ) تقريرا لقوله : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ) (٣) هذا.
وهاهنا روايات اخرى في هذا المعنى ، إلّا أنّ كيفيّة المشافهة ـ المنقولة فيها ـ تخالف ما مرّ ، وما نقلناها أطبق لسياق الآيتين ، وبالرواية يهتدى إلى نكات اسلوب الآيتين.
ولا منافاة بين كون الآيتين مجموعا من مشافهة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله
__________________
(١). في المصدر : «ثقلها»
(٢). الاحتجاج ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢١.
(٣). البقرة (٢) : ٢٨٤.