وما فيهما ، وأمّا العرش وما خلفه فهو خارج عنه ، كما يتضمّنه قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، (١) ولذلك قصّر الكلام هاهنا على علمه بما في الأرض والسماء ، فهو موطن التقدير ، فأساس التقدير هو العلم التفصيلي الفعلي.
ومن هنا يعلم أنّ الآية التالية ـ أعني قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) في مقام التعليل لذلك ، وأنّ المراد بالتصوير ما لا يختصّ بظاهر الصور من السّباحة والملاحة والقباحة ، والسواد والبياض ، والذكورة والانوثة ، بل يشمل ما يرسمه الإنسان في صفحة حياته.
على أنّ التصوير هو إيجاد الصورة ، والصورة : هي ما له ظلّ ، فيشمل الجسم ، فهو تقويم البدن وقواه ، والقوى البدنيّة على اختلافها هي المبادئ لأخلاق الإنسان وأحواله ـ بل الحيوان ـ ، وهي المبادئ للأفعال ، وقد مرّ وسيجيء أنّ هذا ليس من الجبر في شىء.
فوزان هاتين الآيتين وزان قولك : إنّه لا يخفى عليّ شيء في هذا البستان ، فأنا الذي غرست وحرثت. وبذلك يظهر معنى ما عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «الشقيّ من شقي في بطن امّه ، والسعيد من سعد في بطن امّه». (٢) (٣)
وفي الكافي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : إنّ الله تعالى إذا أراد أن يخلق النطفة التي هي ممّا أخذ عليها الميثاق من صلب آدم أو ما يبدو له فيه ويجعلها
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٥٥.
(٢). في المصدر : «والسعيد من وعظ بغيره»
(٣). الكافي ٨ : ٨١ ، الحديث : ٣٩ ؛ من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٠٣ ، الحديث : ٥٨٦٨ ؛ الأمالي للصدوق : ٤٨٧ ، الحديث : ١.