والإنجيل والفرقان محكمات جميعا.
وأمّا الكتاب فيمتاز عنهما :
أوّلا : باشتماله على المحكم والمتشابه جميعا ، كما سيبيّنه بعد ثلاث آيات بقوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) ، (١) ففي قوله : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) ، توطئة وإيماء إلى ذلك من باب براعة الإستهلال.
وثانيا : أنّه مشتمل على تبيان كلّ شيء بخلافهما ، قال تعالى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ، (٢) قال تعالى حكاية عن عيسى : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) ، (٣) وقال مخاطبا لنبيّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) ، (٤) وسيجيء بيانه إن شاء الله.
وقد فرّق بين الإنزال والتنزيل بأنّ التنزيل تدريجيّ الحصول ، بخلاف الإنزال فهو أعمّ ، أو خصوص الدفعي.
قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ).
قد مرّ أنّ تصدير الكلام بقوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، للإشارة إلى أنّ تقلّبات الكافرين في أنواع بغيهم وأقسام مظالمهم من القدر غير خارجة عن التدبير الإلهي ، وقد مرّ في ذيل آية الكرسي أنّ مجال القدر هو السماء والأرض
__________________
(١). آل عمران (٣) : ٧.
(٢). الأعراف (٧) : ١٤٥.
(٣). الزخرف (٤٣) : ٦٣.
(٤). النحل (١٦) : ٨٩.