فزعا من الزجرة». (١)
أقول : قوله : «أن يخلق النطفة» ، إلى آخره ، أي يجعلها بشرا تامّا ، وتقييدها بقوله : «التي هي ممّا أخذ عليه الميثاق» ، إلى آخره ، إشارة إلى ما مرّ وسيجيء بيانه أنّ موجودات هذه النشأة الدنيويّة وأحوالها مسبوقة الوجود بنشأة اخرى سابقة عليها تجري هي على صراطها ، وهي المسمّاة في لسان الأخبار ب : (عالم الذرّ والميثاق) ، فما اخذ عليه الميثاق لابدّ أن يخلق في هذه النشأة الدنيويّة ، وما يخلق في هذه النشأة هو ممّا اخذ عليه الميثاق من غير أن يقبل التغيير والتبديل ، فذلك من القضاء المحتوم ، ولذلك ردّد الكلام بينه وبين قوله عليهالسلام : «أو ما يبدو له» ، انتهى. أي يبدو له البداء في تمام خلقه ، فلا يتمّ ويعود سقطا ، فالقسم المقابل له المأخوذ عليه الميثاق لا بداء فيه ، وعلى ذلك أخبار كثيرة سيجيء في محلّها.
قوله عليهالسلام : «يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة» ، إنتهى. يمكن أن يكون لفظة «من فم المرأة» من كلام الراوي ، كما يؤيّده وضع الظاهر موضع المضمر ، وعلى ظاهر الحال من كونه من كلام الإمام هو من الشواهد على كون دخولهما واقتحامهما في بطن المرأة من غير سنخ دخول الجسم في الجسم ؛ إذ لا طريق إلى الرحم من غير الفرج إلّا العروق ، ومنها العرق الذي يدرّ منه دم الحيض فينصبّ في الرحم ، وليس هذا المنفذ بأسهل للدخول من جدران الرحم ، فللدخول من الفم سببا غير سهولة الطريق ، وهو ظاهر.
قوله عليهالسلام : «وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام
__________________
(١). الكافي ٦ : ١٣ ـ ١٥ ، الحديث : ٤ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٩.