للرحمة والهداية ، والمسؤول عنه غير الحاصل الموجود ، وهو ظاهر ، فما سألوه هو ما يشير إليه في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) (١) فهي رحمة بعد رحمة ومقدّمة للدخول في مقام الصلاح ، وقد مرّ بيانه ، وهو قول سليمان ـ عليهالسلام ـ : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) ، (٢) وقد عرفت أنّ هذه المعاني امور مشكّكة ذات مراتب.
وفي الكافي عن هشام ، عن الكاظم ـ عليهالسلام ـ في حديث ، قال : يا هشام! إنّ الله حكى عن قوم صالحين أنّهم قالوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) ، حين علموا أنّ القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها.
إنّه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها فى قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدّقا ، وسرّه لعلانيته موافقا ، لأنّ الله تعالى لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلّا بظاهر منه وناطق عنه. (٣)
وفي تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : أكثروا من أن تقولوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ولا تأمنوا الزيغ. (٤)
*
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ٢٨.
(٢). النمل (٢٧) : ١٩.
(٣). الكافي ١ : ١٨ ، الحديث : ١٢.
(٤). تفسير العيّاشي ١ : ١٦٤ ، الحديث : ٩ ؛ تفسير الصافي ٢ : ١٥ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٢ : ٣٦٩ ، الحديث : ٣.