فمطويّ عنه في القرآن شرحه ، وإنّما جملة الأمر أنّ الله رفعه إليه ، فافهم وسيجيء الأخبار المتعلّقة بهذا الباب.
قوله سبحانه : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (١)
الآية هي العلامة التي يستدلّ بها على الشيء ، وقد كثر استعماله في كلامه تعالى فيما يستدلّ به عليه تعالى بنحو من الأنحاء ، وإن كانت ربما استعملت في غيره ، كقوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ). (٢)
والتي يستدلّ بها عليه تعالى :
منها : ما هو على العادة الجارية ، كالسماء والأرض والشمس والقمر والسحاب والريح وغير ذلك ، وقد عدّ الله سبحانه جميع ذلك آية يستدلّ بها من حيث أصناف الصفات المشهودة فيها على توحيده وعلمه وقدرته وسائر صفاته الكماليّة ، وعلى ما أنبأ به أنبياؤه بالغيب ، كالبعث والنشور ونحو ذلك.
ومنها : ما يدلّ على أمر خاصّ وحادث مخصوص غير ثابت الوجود ولا دائمة ، وبالضرورة يكون خارقا للعادة غير جار عليها ، إذ لو انطبق على العادة الجارية لم يدلّ إلّا على معنى ثابت الوجود ودائمه ، وذلك كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وخلق الطير ، وقد حكى سبحانه هذا القسم عن كثير من أنبيائه ورسله ، إذ سئلوا عن ذلك ، ليستدلّوا بذلك على صدق ما يدّعونه من الرسالة ،
__________________
(١). الظاهر أنّه بدل أو عطف بيان من قوله : (رَسُولاً) لأنّ ما يحتمله بعضهم من تقدير القول ونحوه ، بل هو حكاية قوله في رسالته ، يبيّن به رسالته ، التصرف في أقسام حكاية القول بلطائفها من خواصّ القرآن ، [منه ـ رحمهالله ـ].
(٢). الشعراء (٢٦) : ١٢٨.