هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) ، (١) وما هو المشهود المحسوس من الخوارق الصادرة عن أرباب الرياضات بهند وغيره.
قوله سبحانه : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ)
بيان لقوله : (بِآيَةٍ) وهذه التي عدّها هي الآيات على رسالته إلى بني إسرائيل فيما جاء به إليهم من الله سبحانه ، وأمّا تكلّمه في المهد وكهلا ، فهو من آياته على براءة ساحة مريم ـ عليهاالسلام ـ ممّا رموها به ، وقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) ، قيّد به آياته ، دفعا لما في أوهام العامّة من الناس أنّ الإحياء مخصوص بالله سبحانه ، وكذا ما يلحق به من إبراء الأكمه والأبرص ، وإلّا فكلّ آية خارقة للعادة فهو بإذنه تعالى ، قال تعالى : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، (٢) بل كلّ ما يخرق العادة ، قال تعالى : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، (٣) وقال : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) ، (٤) وذلك لإنكار الأفهام وقوعها من غيره تعالى ، وإن كانت حقيقة الأمر أنّ موجودا من الموجودات لا يملك لنفسه شيئا إلّا وهو سبحانه المالك له المملّك له إيّاه ، ولذلك قيّدها في كلامه بنحو العموم بإذنه ، قال تعالى : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) ، (٥) وقال : (يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) ، (٦) وقال : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، (٧) وقال :
__________________
(١). الإسراء (١٧) : ٨٨.
(٢). الرعد (١٣) : ٣٨.
(٣). البقرة (٢) : ١٠٢.
(٤). سبأ (٣٤) : ١٢.
(٥). يونس (١٠) : ٣.
(٦). الأعراف (٧) : ٥٨.
(٧). آل عمران (٣) : ١٤٥.