ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، (١) وقال : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، (٢) وقال : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ). (٣)
وحقيقة الإذن في الشيء : هي الرضا به إذا توقّف عليه ، فالذي يفعله الإذن هو رفع المانع عن تأثير المؤثّر ، أي تتميم سببيّة السبب ، وعليه يدور تحقّقه ، سواء كان هناك رضى قلبي أو لم يكن ، كما في موارد الإذن بالفحوى ، وإن لم يتحقّق صورة رضى قلبي بالفعل ، وإذ كان السبب في الوجود بالحقيقة هو الله سبحانه لا سبب غيره إلّا به ، كان إذنه في تأثير شيء هو إفاضته تمام السببيّة له وإيجاده صفة الوساطة فيه ؛ ولذلك ربّما بدّل لفظ الإذن بالأمر في مثل الموارد السابقة ، قال سبحانه : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٤) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) ، (٥) فجعل الخوارق المذكورة وغيرها أمرا لله ، وقال : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) ، (٦) وقال : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ). (٧)
وقد عرفت في ما مرّ معنى أمره تعالى ـ وأنّه أحد وجهي الإيجاد ـ وكلمة «كن» ، فالأمر يستند إليه الربط بين كلّ شيء وبينه تعالى ، والإذن يستند إليه الربط بين كلّ سبب ومسبّبه.
__________________
(١). التغابن (٦٤) : ١١.
(٢). يونس (١٠) : ١٠٠.
(٣). القدر (٩٧) : ٤.
(٤). الأعراف (٧) : ٥٤.
(٥). الرعد (١٣) : ٣١.
(٦). آل عمران (٣) : ١٥٤.
(٧). القدر (٩٧) : ٤.