باختلاله الآخر ـ أيضا ـ ولا محالة تفسد الجماعة.
على أنّ الغاية هناك ، أمر وراء الطبيعة مخالف لهوى النفوس وملاذّها ، والنفوس في السجيّة الحيوانيّة بالفعل ، وبالنسبة إلى السجايا الإنسانيّة الربّانيّة بالقوّة ، فلو لا الإمداد لما حصّلتها من الكمال من تقوية المعارف وسدّ باب الخلل ، عادت إلى حيوانيّتها بأدنى غفلة ، فضلا عن تراكم الجهالة وظلمات المسامحة والمداهنة ، وأقوى ما يصدّق ذلك ما آل إليه أمر الدين في هذه الأزمنة من خلوّ العرصة وتراكم الظلمة ، ولا بيان كالعيان.
وفي الكافي والتهذيب ، عن الباقر ـ عليهالسلام ، ـ قال : «يكون في آخر الزمان قوم ينبغ (١) فيهم قوم مراؤون ، يتقرّؤون ويتنسّكون ، حدثاء سفهاء ، لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر ، إلّا إذا آمنوا الضرر ، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير ، يتبعون (٢) زلّات العلماء وفساد علمهم ، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلّمهم (٣) في نفس ولا مال ، ولو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها ، إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض ، هنالك يتمّ غضب الله عليهم فيعمّهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجّار ، والصغار في دار الكبار ، إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين ، (٤) فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحلّ المكاسب
__________________
(١). في المصدر : «يتبع» وفي الأصل : «ينبغ» اي يخرج ويظهر.
(٢). في المصدر : «يبتغون» [منه ـ رحمهالله ـ].
(٣). الكلم : الجرح ، اي لا يضرّهم.
(٤). في الكافي : «الصلحاء»