أقول : وروي مثله عن ابن سنان ، عن أبيه ، عنه عليهالسلام ، (١) وربما قضى نحو اختلاف الروايتين بأنّ مراده ـ عليهالسلام ـ : التنزيل ، أعني : المراد دون القراءة اللفظيّة.
قوله سبحانه : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ)
لفظ «عند» يفيد الحضور ، وقرب مظروفه ممّا اضيف إليه ، وما عدا ذلك من الخصوصيّات المكانيّة والزمانيّة وغير ذلك خصوصيّات طارئة بحسب اختلاف المصاديق ، كقولنا : فلان عند الأمير ، وقولنا : سيعطيك عند مجيئه ، وقول العالم : عندي أنّ المسألة الفلانيّة كذلك ، إلى غير ذلك. ويجمع الجميع معنى الحضور. وإذ كان الله سبحانه يفيض عنه الوجود وهو خالق كلّ شيء ، فلا يعقل أن يحتجب عنه شيء ، أو أن يحتجب هو عن شيء إلّا بالغفلة مع انحفاظ أصل الحضور ، فلازم الأوّل أن يكون كلّ شيء عنده ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ) ، (٢) ولازم الثاني حضوره عند كلّ شيء ، كما قال : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) ، (٣) وبدّل «عند» ب : «مع» بلحاظ المضاف إليه وظهور جسمانيّته.
نعم ، اعتبار معنى الغفلة ينفي العنديّة الثانية وهو المصحّح لصدق «عند» في غيره تعالى من غير أن يصدق عليه عنديّته ، ويجري عليه حكمه ، كما قال تعالى : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (٤) مع أنّ كلّ ما عندنا فهو عنده سبحانه.
__________________
(١). تفسير العيّاشي ١ : ١٩٦ ، الحديث : ١٣٤.
(٢). آل عمران (٣) : ٥.
(٣). الحديد (٥٧) : ٤.
(٤). النحل (١٦) : ٩٦.