قوله سبحانه : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ)
بدأ بالقتل لكون مساق الكلام هو الجهاد وكون القتل أقرب إلى المغفرة من الموت ، ثمّ لمّا أمكن توهّم اختصاص المغفرة بالقتل ألحق به الموت أيضا ، على خلاف ما صنع في قوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) ، (١) وقوله : (ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) ، وقوله : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) ، فبدأ فيها بالموت لكونه أسبق إلى الذهن وأعرف في الوقوع.
وفي المعاني ، عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «سبيل الله : عليّ وذرّيّته ، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله». (٢)
أقول : وهو من الجري.
قوله سبحانه : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)
تأديب له في العزم والعمل.
وفي النهج : «من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها». (٣)
وفيه أيضا : «الإستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استبدّ برأيه». (٤)
وعن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «لا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة
__________________
(١). آل عمران (٣) : ١٤٤.
(٢). معاني الأخبار : ١٦٧ ، الحديث : ١ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ ، الحديث : ١٥٩ و ١٦٢ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٢ : ٥١٦ ، الحديث : ١ ؛ تفسير الصافي ٢ : ١٤١.
(٣). نهج البلاغة : ٥٠٠ ، الحكمة ١٦١.
(٤). نهج البلاغة : ٥٠٦ ، الحكمة ٢١١ ؛ ولقد راجعنا ما بأيدينا من نسخ نهج البلاغة وشروحها ، كشرح ابن ميثم ، ابن أبي الحديد ، عبده ، صبحي صالح ، مغنيّه ، فيض الاسلام ، السيد الشيرازي ؛ وفي كلّها : «إستغنى» بدل : «استبدّ».