الحجّاج وعليّ بن اميّة بن خلف (١).
أقول : ويلحق بهم الذين ماتوا بمكّة بين الهجرة والفتح من المشركين وكان عدّ ما عدّ منهم من قبيل عدّ المصاديق.
قوله سبحانه : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ)
الاستثناء منقطع كما قيل وإن احتمل المتّصل ودخولهم في (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) بقرينة قوله فيما بعد : (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ).
وكيف كان ، فاستثناء المستضعفين مع سبق الوصف في المستثنى منه ولو دعوى يفيد إرادة المتّصف بحقيقته ، أي إلّا المستضعفين حقيقة ، ويفيد أنّ الحكم عقليّ غير تعبّدي ، ولذلك عرّف المستضعفين بقوله : (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) ، وقرينتا الاستطاعة والاهتداء تفيدان أنّ المراد بالسبيل السبيل إلى الحقّ ، أي لا يستطيعون حيلة تدفع عنهم الظلم ولا يهتدون إلى الحقّ ، والكلام مطلق يشمل ما إذا كان الاستضعاف لعدم استطاعة الهجرة أو لعدم بلوغ الفهم أو مع بلوغه وعدم التنبّه لاتّفاق ، كمن يستفرغ وسعه في طلب الحقّ ثمّ لا يناله مع غزارة العلم ونبوغ الفكر لجمود تمكّن في نفسه بالتقليد ونحوه.
فإن قلت : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٢) ، ينفي دخول القسم الأخير في أصحاب العذر ؛ لدلالته على أنّ الطالب للحقّ المستفرغ وسعه فيه يناله لا محالة إن كان محسنا من غير عناد ولجاج ، فمن لم ينل ولم يصل فلعدم استفراغ الوسع أو لعناد ، على أنّ أمر الحقّ ظاهر.
__________________
(١). مجمع البيان ٤ : ٨٤٦.
(٢). العنكبوت (٢٩) : ٦٩.