وبما مرّ يظهر معنى الروايات الواردة في المقام.
ففي تفسير القمّي عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجّاج : يا شهر ، آية في كتاب الله قد أعيتني ، فقلت : أيّها الأمير ، أيّة آية هي؟ فقال : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ، والله لأنّي أمرّ باليهودي والنصرانيّ فيضرب عنقه ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد. فقلت : أصلح الله الأمير ، ليس على ما تأوّلت. قال : كيف هو؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة يهوديّ ولا غيره إلّا آمن به قبل موته ، ويصلّي خلف المهدي. قال : ويحك أنّى لك هذا ، ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني [به] محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهمالسلام ـ فقال : جئت بها من عين صافية (١).
أقول : وروت العامّة الحديث عن شهر بن حوشب بنحو آخر ، وهو ما رووه عنه ، قال : قال لي الحجّاج : آية ما قرأتها إلّا تخالج في نفسي شيء منها ـ يعني هذه الآية ـ وقال : إنّي اوتى بالأسير من اليهود والنصارى فأضرب عنقه فلا أسمع منه ذلك؟ فقلت : إنّ اليهوديّ إذا حضره الموت ضربت الملائكة دبره ووجهه وقالوا : يا عدوّ الله ، أتاك عيسى ـ عليهالسلام ـ نبيّا فكذّبت به ، فيقول : آمنت إنّه عبد نبيّ. وتقول للنصراني : أتاك عيسى نبيّا فزعمت أنّه الله أو ابن الله ، فيؤمن أنّه عبد الله ورسوله حيث لا ينفعه إيمانه ، قال : وكان متّكئا ، فاستوى جالسا فنظر إليّ وقال : ممّن؟ قلت : حدّثني محمّد بن عليّ بن الحنفيّة. فأخذ ينكت الأرض بقضيبه ثمّ قال : لقد أخذتها من عين صافية ، أو من معدنها. قال
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ١٥٨.