من بني هارون ، وهم النضير وقريظة ، وكانت قريظة سبعمأة والنضير ألفا ، وكانت النضير أكثر مالا وأحسن حالا من قريظة ، وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبيّ ، فكان إذا وقع بين قريظة والنضير قتل وكان القتيل (١) من بني النضير قالوا لبني قريظة : لا نرضى أن يكون قتيل منّا بقتيل منكم ، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتتلوا ، حتى رضيت قريظة وكتبوا بينهم كتابا على أنّه أيّ رجل من اليهود من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يجبّه (٢) ويحمّم ، والتجبيه (٣) أن يقيّد على جمل ويولّى وجهه إلى ذنب الجمل ويلطّخ وجهه بالحماءة ويدفع نصف الدية ، وأيّما رجل من بني قريظة قتل رجلا من بني النضير أن يدفع إليه الدية كاملة ويقتل به.
فلمّا هاجر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى المدينة ودخلت الأوس والخزرج في الإسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير فبعثوا إليهم بنو النضير : إبعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله ، فقالت قريظة : ليس هذا حكم التوراة وإنّما هو شيء غلبتمونا عليه ، فإمّا الديّة وإمّا القتل ، وإلّا فهذا محمد بيننا وبينكم فهلمّوا لنتحاكم إليه ، فمشت بنو النظير إلى عبد الله بن أبيّ وقالوا : سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين بني قريظة في القتل.
__________________
(١). في المصدر : «القاتل»
(٢). في الأصل : «يجنّب» وفي المصدر : «يجنّيه»
(٣). في الأصل : «التجنبة» وفي المصدر : «التجنية» والصحيح : «التجبية» ، قال إبن الأثير : وفي حديث حدّ الزنا أنّه سأل اليهود عنه ، فقالوا : «عليه التجبية» قال : «ما التجبية»؟ قالوا : «أن تحمّم وجوه الزانيين ، ويحملا على بعير أو حمار ، ويخالف بين وجوههما». أصل التجبية أن يحمل اثنان على دابّة ويحمل قفا أحدهما إلى قفا الآخر. [النهاية ١ : ٢٣٧].