للفروع كمال ومزيّة ، ولم يكن عنده غير ذلك ، فافهم ذلك واعتبر ذلك في الوحدات المنعقدة بين الجماعات ، وهي الجاعلة إيّاها أحزابا ، فعلى كلّ فرد منسوب إلى حزب ما أن يأخذ إخوانه أولياء دون مخالفيه في مرامهم ، وهو بعينه لموالاة رئيسهم ومدير أمرهم فحسب ، وغاية ذلك حبّ مرامهم ، وقد رام سبحانه ذلك في الآية التالية بقوله :
(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) فبدّل الضمير العائد إلى إسم الشرط بقوله : (حِزْبَ اللهِ) ، فحصر النسبة في نفسه ، ولم يذكر رسوله والذين آمنوا لأجل أنّ هذه الولاية ليست إلّا لله سبحانه ، فالله هو الولي ، وليس عند رسوله والذين آمنوا غير ولايته ، فليس الحزب إلّا حزبه ، وقد جرى على هذا السبيل قوله :
(كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ* لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١).
فنسب الحزب إلى نفسه وقد قال : (مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، غير أنّه جعل الغلبة لنفسه ورسله ولم يعمّم النسبة إلى الحزب ، فعلم به أنّ الغلبة له بالحقيقة ، وإن نسبه إلى حزبه في موضع آخر.
وبالجملة ، إذا جعل الله لرجل ولاية بهذا المعنى ونصبه أصلا فيها ، لم يجز أن يكون عنده ما لا يحبّه من شيء ظلما أو معصية أو شركا ، وقد صرّح سبحانه في
__________________
(١). المجادلة (٥٨) : ٢١ ـ ٢٢.